مكان شاحب، مساء صامت، بعض شجيرات نصف ذابلة، التقى
وهج بممر يقود إلى كوخ موحش، صديقة قديمة، كان يخالها
ماتت، راسلته عبر الأثير مستفسرة عن حاله، بعد عشرين
سنة من الغياب، استغرب، عندما عرف من كلامها أنها
-قبس الديوانية- التي قتلت بانفجار عنيف بقريتهما
قصدا إلى الكوخ،مرت أيام، افترقا من جديد، ووعدته
أنها ستلتقيه مرة أخرى، لم تعطه أية معلومات عن حياتها
الآنية، سار هائما في دروب المدينة المدمرة،هناك من يقول
عنه مجنون،و هناك من يقول مناضل فدائي،و هو لا يحب
أن يتحدث عن نفسه بتاتا، و يرى العالم مجرد فقاعة عبثية
تستحق بعض الاهتمام العابر،رأى كلبة تقترب منه، مكشرة
عن أنيابها، تحاشاها قليلا،رأى شخصا يترنح في مشيته،ذاب
في ازدحام شديد، اشترى أكلة خفيفة، سمع صوت انفجار،و هو
يعبر الممر ليصل إلى الكوخ، وجد صديقته-قبس الديوانية-
مرمية على الأرض مضرجة بدمائها القانية، كلون ورود
البستان الذي التقيا فيه أول مرة، ماتت مرة أخرى غمغم وهج
و بنفس الطريقة التي قالوا أنها ماتت بها في قريتهما، تساءل
ترى هل ماتت معها حرية الأمل، أم ستحيا، و تسأل عنه
و تلتقيه من جديد..
محمد جمال الميموني الإدريسي